حريق مكتبة الإسكندرية القديمة
ويقول فخراني: "وقع يوليوس القيصر بحبها، فأُجْبِر على الدفاع عنها من أخيها، ثم حمل قضيتها وخاض في حرب ضد جيش أخيها، وهذا ما أدى بالطبع إلى حرق المكتبة!!
فقد حصلت أسوأ الكوارث في التاريخ عندما كان القيصر في الإسكندرية يواجه الصدامات بين المصيريين والوحدات الرومانية، وقد حوصر جيش القيصر ضمن القصر الملكي. فأمر يوليوس بحرق قافلة الأعداء لكسر الحصار! سُرعان ما هَبَّت الرياح الشمالية حاملة معها النيران إلى المكتبة الكبرى، مُحَوِّلة بذلك عشرات الآلاف من الكتب إلى مجرد رماد!!!!
حاولت كليوباترا إعادة بناء المكتبة الكبرى، فأمرت بترميم المبنى والحصول على مجموعات جديدة من المخطوطات.
ومن الجدير بالذِّكر أنه يقع اليوم بالقرب من مسلة تُعْرَف باسم بومباي موقع المكتبة البديلة التي أقامتها كليوباترا في منطقة الشاطبي.
ورغم اختفاء جميع آثار المكتبة العظمى إلا أننا نستطيع معرفة ما كانت عليه المكتبة تقريباً مما نراه هنا. فوضعت آلاف المخطوطات في أخاديد كهذه في مستودعات تحت الأرض، وكانت كل مجموعة تحمل إسم الكاتِب على علاّقة خشبية.
وقد يبقى مجهولا إلى الأبد عبر الأزمان الغابرة ما تعرَّضَت له فعلاً مكتبة المعارف العظمى، ولكن المؤكد هو أن المكتبة قد تركت أثراً واضحاً على العلوم والآداب في عالمنا المعاصر، حتى أنها كانت من الأسباب التي أبقت على روائع كلاسيكية كالتي تركها هومير وسقراط وبلاتو حتى يومنا هذا..
ويُقال أن المتحف شُيِّد إلى جانب المكتبة أو الموزيون كما كان معروفاً حينها. وقد ضمّ هذا المبنى أشهر علماء العالم الذين عاشوا وعملوا ودرسوا هنا.
تعني كلمة "موزيون" معبد ميوز، تَيَمُّناً لآلهة المعرفة المعروفة باسم ميوزيس. لهذا فإن كلمة ميوزيم Museum الغربية المعاصرة تأتي من هذه الكلمة.
وقد شملت جدران هذا المبنى أبحاث ودراسات ومحاضرات على طريقة ما يجري في الجامعات المعاصرة. يؤكد سترابو أن المتحف كان مُلحقاً بالقصر الملكي.
سترابو: "كان في المتحف ممراً للعامة، وفي وسطه قاعة للطعام تتمتع بشرفات مراقبة في الطبقة العلوية. وهناك قناطر مُعزَّزَة بمقاعد، ومنزل كبير يضم غرفاً لرجالات العلم الذين يعيشون في المتحف."
هنا طوَّر "إوكليد" (إقليدس) نظرياته وألَّف كتاب "العناصر"، واضعاً بذلك أُسُساً لعلوم الهندسة والنسب ونظرية الأرقام. وتوصل "أرشميديس" إلى المضخة التي ما زلنا نستعملها اليوم. وحاول "أريستارش" أن يثبت بأن الشمس هي مركز الكون وليس الأرض، وذلك قبل 1500 عام من ولادة "كوچيرنيكوس" و"جاليليو". وكذلك أكَّد "إيراتوستينيس" أن الأرض كروية، وقَّدم دليلاً على ذلك عبر إختلاف الظِّل الذي تعكسه الشمس أول أيام الربيع في مدينتي الإسكندرية وأسوان الواقعة على مسافة مئات الأميال.
مكتبة الإسكندرية الجديدة
وقد مَنَحَت مؤسستي المكتبة والمتحف حكام الإسكندرية أداة قوة من خلال المعرفة. ربما لا نعرف ما جرى للمكتبة القديمة، ولكن الفكرة قد أنشئت من جديد في الإسكندرية المعاصرة.
طورت الحكومة المصرية بالتعاون مع اليونيسكو وهيئة الأمم المتحدة مشروعاً لإنعاش المكتبة وجعلها مركزاً للعلوم والأبحاث. وقد تم إعادة بناء المكتبة إلى جانب الميناء، تقريباً في نفس الموقع الذي كانت فيه المكتبة والمتحف القديمان. وهي تطل من وراء البحر داعية الباحثين من جميع أرجاء العالم إلى الإسكندرية وإلى مركز المعارف الرائع هذا. وكما قيل عنها أنها نافذة مصر على العالم، ونافذة العالم على مصر.. وتستطيع زيارة موقعها على الإنترنت من هنا: http://www.BibAlex.org/English/index.aspx